الرئيسية أخبار إقتصادية

شاهد- صنعة الذهب في فلسطين… دمغة وطنية تحمي السوق والمستهلك

تم النشر بتاريخ : 2025-12-15

تشهد صناعة الذهب في فلسطين، ولا سيما في الخليل وبيت لحم، تطورًا ملحوظًا خلال السنوات الأخيرة، ما جعل هذا القطاع أحد أبرز مجالات الصناعة المحلية وأكثرها قدرة على المنافسة. وبين نمو المشاغل والمصانع من جهة، وتطور أدوات الرقابة والفحص من جهة أخرى، برزت الدمغة الفلسطينية كعلامة رسمية تحمل قيمة قانونية وفنية تحمي المواطن وتدعم هوية المنتج الوطني.

ازدهار الصنعة الفلسطينية

تُعدّ الخليل مركز صناعة الذهب في الضفة الغربية، حيث ارتفع عدد المشاغل من نحو 25 مشغلاً عام 2006 إلى أكثر من 105 مشاغل اليوم. ووفق تقديرات مديرية دمغ المعادن الثمينة، فإن 95% من المصوغات الذهبية المعروضة في السوق الفلسطيني هي صناعة محلية، مقارنة بنحو 70% فقط قبل سنوات قليلة.

هذا التطور يعود، كما تحدث عنه سنا حساسنة مدير مديرية دمغ المعادن في جنوب الضفة الغربية وهي تابعة لوزارة الصناعة: مهارة الصاغة الفلسطينيين وتطور خبراتهم، وتحديث أدوات الإنتاج والتصميم، بالاضافة الى توفر كميات أكبر من المشاغل المؤهلة للتصدير، كما أن ارتفاع الطلب المحلي على المشغولات الفلسطينية بسبب جودتها وأسعارها التنافسية.

ماذا تعني الدمغة الفلسطينية؟

يقول حساسنة: "الدمغة الفلسطينية هي العلامة الرسمية التي توضع على القطع الذهبية بعد فحصها من قبل مديريات دمغ المعادن الثمينة في وزارة الصناعة، وهي: إثبات جودة يضمن أن العيار حقيقي ودقيق، وتوثيق قانوني بأن القطعة خضعت للفحص الرسمي، وهي هوية وطنية تميّز الذهب الفلسطيني عن الذهب المستورد، كما أنها أداة حماية من التزوير والقطع غير المطابقة للمواصفات".

واضاف، يتم اليوم استخدام أجهزة فحص إلكترونية وتقنيات ليزر في الدمغ، ما يجعل العلامة واضحة، دقيقة، وغير مؤثرة على شكل القطعة أو قيمتها الجمالية.

لماذا الدمغة ضرورية للمستهلك؟

يؤكد سنا حساسنة، مدير مديرية دمغ المعادن الثمينة في جنوب الضفة الغربية، أن الدمغة ليست مجرد ختم، بل "ضمانة لحق المواطن ودرع حماية من الغش". فغياب الدمغة قد يعني: وجود مخالفات في العيار الحقيقي للذهب، واحتمال أن تكون القطعة مستوردة بطريقة غير قانونية، ومخاطر وجود تزوير أو خلل في الوزن.

ويشير حساسنة إلى أن أي قطعة ذهب تُباع دون دمغة رسمية هي "غير قانونية"، داعيًا المستهلكين إلى التأكد من العلامة قبل الشراء.

من الشاشة إلى الواقع: لماذا يختلف سعر السوق عن السعر العالمي؟

يشرح حساسنة أن سعر الشاشة -البورصة- يعكس سعر الذهب الخام غير المصنّع، بينما الذهب الجاهز للبيع يخضع لعوامل أخرى، منها: أجرة الصياغة والمصنعية، والضرائب والرسوم، وتكاليف استيراد الذهب الخام، بالاضافة الى مصاريف المحلات والعمالة.

وقال: "لذلك يكون هناك فرق يتراوح بين 30 إلى 40 دولارًا فوق السعر العالمي، وقد يزيد أو ينقص حسب العرض والطلب والسيولة المتوفرة في السوق".

وحذّر حساسنة، من الإشاعات المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصًا تلك التي تتحدث عن "انهيار أو ارتفاع وهمي" في الأسعار، مؤكدًا أن هذه المعلومات تكون غالبًا غير دقيقة وتسبب بلبلة للمواطنين.

إرشادات للمواطن عند شراء الذهب

لضمان حقوق المستهلك، توصي مديرية الدمغ باتباع الخطوات التالية: التأكد من أن المحل مرخّص وأن شهادة الترخيص معروضة بشكل واضح وتحمل رقم الرخصة وتاريخ صلاحيتها، وكذلك طلب فاتورة رسمية تشمل: وزن القطعة، العيار، سعر المصنعية، السعر العالمي المستخدم في البيع، اسم المحل ورقمه الضريبي، والتأكد من وجود الدمغة الفلسطينية على كل قطعة، مع الاحتفاظ بالفاتورة لأنها الوثيقة القانونية الوحيدة التي تحفظ حق المواطن.

رقابة صارمة وعقوبات للمخالفين

يؤكد حساسنة أن طواقم الرقابة في وزارة الصناعة تنفذ جولات دورية على محلات الذهب للتأكد من الالتزام بالقانون. وفي حال وجود مخالفات، سواء في الوزن أو العيار أو الدمغ، قد تصل الغرامات إلى 5000 شيكل، بالإضافة إلى إحالات لنيابة الجرائم الاقتصادية، في الحالات الخطيرة مثل التهريب أو التلاعب المتعمد.

ويشير إلى أن الهدف من الرقابة هو حماية الصناعة الوطنية وضمان سوق آمن للمستهلك، وليس التضييق على التجار، لافتا الى امكانية توجه المواطنين لفحص أي قطعة ذهبية مجانًا في مديريات الدمغ.

وبقي أن نشير، الى ان صنعة الذهب في فلسطين لم تعد مجرد حرفة تقليدية؛ إنها قطاع صناعي متطور يمتلك القدرة على المنافسة والتصدير، ويمثل جزءًا من الهوية الاقتصادية الوطنية. وفي قلب هذا القطاع تقف الدمغة الفلسطينية باعتبارها خط الدفاع الأول عن الجودة، والضمان القانوني للمستهلك، والعلامة التي تميّز الذهب الفلسطيني في الأسواق.